إِذَا سَأَلْت فَاسْأَل الْلَّه
إِن لُطْف الْلَّه قَرِيْب ، وَإِنَّه سَمِيْع مُجِيْب ، وَإِن الْتَّقْصِير مِنَّا ، إِنَّنَا بِحَاجَة مَاسَّة إِلَى أَن نُلِح وَنَدْعُوْه ، وَلَا نَمَل نْسْأَم ، وَلَا يَقُوْل أَحَدُنَا : دَعَوْت دَعَوْت فَلَم يُسْتَجَب لِي.
بَل نُمَرِّغ وُجُوْهَنَا فِي الْتُّرَاب ، وَنَهْتِف ، وَنَلَظ بـ (( يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام )) ، وَنُعِيْد ونُّبْدِئ تِلْك الْأَسْمَا...ء الْحُسْنَى وَالصِّفَات الْعُلَى ، حَتَّى يُجِيْب الَّلَه سُبْحَانَه وَتَعَالَى طَلَبْنَا،
أَو يَخْتَار لَنَا خِبْرَة مِن عِنْدِه سُبْحَانَه
وَتَعَالَى ﴿ ادْعُوَا رَبَّكُم تَضَرُّعا وَخُفْيَة ﴾
ذُكِر أَحَد الْدُّعَاة فِي بَعْض رَسَائِلِه أَن رَجُلَا مُسْلِمَا ذَهَب إِلَى إِحْدَى الْدُوَل وَالْتَجَأ بِأَهِلِه إِلَيْهَا ، وَطَلَب بِأَن تَمْنَحُه جِنْسِيَّة ، فَأَغْلَقَت فِي وَجْهِه الْأَبْوَاب،
وَحَاوَل هَذَا الْرَّجُل كُل الْمُحَاوَلَة ، وَاسْتَفْرِغ جُهْدَه ، وَعَرَض الْأَمْر عَلَى كُل مَعَارِفِه ، فَبارَت الْحِيَل ، وَسُدَّت السُّبُل ، ثُم لَقِي عَالِمْا وَرِعَا فَشَكَا إِلَيْه الْحَال،
قَال : عَلَيْك بِالْثُّلُث الْأَخِير مِن الْلَّيْل ، ادْع مَوْلَاك ، فَإِنَّه الْمُيَسَّر سُبْحَانَه وَتَعَالَى
وَهَذَا مَعْنَاه فِي الْحَدِيْث :
(( إِذَا سَأَلْت فَاسَأَل الْلَّه ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِن بِالْلَّه ، وَاعْلَم أَن الْأُمَّة لَو اجْتَمَعُوْا عَلَى أَن يَنْفَعُوْك بِشَيْء ، لَم يَنْفَعُوْك إِلَا بِشَيْء قَد كَتَبَه الْلَّه لَك ))
قَال هَذَا الْرَّجُل : فَوَاللَّه لَقَد تَرَكْت الَذْهَاب إِلَى الْنَّاس ، وَطَلَب الْشَّفَاعَات ، وَأَخَذْت أُدَاوِم عَلَى الْثُّلُث الْأَخِير كَمَا أَخْبَرَنِي هَذَا الْعَالِم ، وَكُنْت أَهْتِف لِلَّه فِي الْسَّحَر وَأَدْعُوَه،
فَمَا هُو إِلَا بَعْد أَيَّام ، وَتَقَدَّمْت بِمَعَرَوّض عَادِي وَلِم أَجَعَل بَيْنِي وَبَيْنَهُم وَاسِطَة ، فَذَهَب هَذَا الْخِطَاب ، وَمَا هُو إِلَّا أَيَّام وَفُوْجِئْت فِي بَيْتِي،
وَإِذ أَنَا أُدْعَى وَأُسَلَّم الْجِنْسِيَّة ، وَكَانَت فِي ظُرُوْف صَعْبَة .