بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
فكل عام وأنتم إلى الله أقرب ، كل عام وأنتم فيخيروعافية ، ونسأل الله تعالى أن يجبر كسرنا في فراق رمضان ، وأن يدخل الفرحة في بيوت المسلمين جميعًا ، وأن ينصر المستضعفين منهم ، ويطعم جائعهم ، ويجعل في أمان وسعادة ، إنه بالإجابة جدير ، نعم المولى ونعم النصير .
أحبتي في الله ..
صدقًا شعرت بوحشة غيابكم عني ، ولا أعرف كيف تسطر كلماتي ما في قلبي تجاهكم ، فقديما قال سلفنا : إخواننا أحب إلينا من أهلينا، فأهلونا قد يذكروننا الدنيا ، أما إخواننا فهم رفقة الجنة إن شاء الله تعالى .
فيا رفقة الجنة ..
لا ينبغي أن يفارق تفكيركم الآن موضوعان :
الأول : القبول .............. والثاني : الثبات .
فأما ( القبول ) فإني أغبط كل ( هابيل القبول ) وأعزي كل ( قابيل الرد ) فالله يقول : " فتقبل من أحدهما " أي هابيل ، " ولم يتقبل من الآخر " أي هابيل ، فليت شعري من منَّا كهابيل .
وقد تدبرت معنى القبول في القرآن فوجدت وصفة جديدة للقبول تحتاج منا لتأمل وتدبر ، وهو موضوع درس شوال " ربنا تقبل منَّا " فانتظروه غدا إن شاء الله تعالى الخميس على الإنسبيك ( بعد العشاء) .
( أما وصفة الثبات ) :
فأرى أن أهم شيء نفعله الآن أن نلزم أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "
فبالله عليك : هل هو أكثر دعائك ؟!!!!
فيا رفقة الجنة ..
لابد من نظام جديد ، فالله أسقط النظام القديم ، فهل سقط نظامك القديم في رمضان؟؟؟
نظام جديد في تحقيق معادلة ( العلم والعمل والدعوة )
نظام يهتم بالسلوك والأخلاق قبل الأعمال الظاهرية التي لا تصفي القلوب .
نظام منهجي في طلب العلم والاهتمام بحفظ وتدبر القرآن .
نظام منهجي في التربية والعبادة لله تعالى .
ولذلك فأقترح عليكم الآتي :
1- الاهتمام بحفظ القرآن ، وتدبره ، ومن هنا ستستمر ( مجالس القرآن ) ونشرح ( جزء تبارك ) قريبا إن شاء الله .
2- الاهتمام بإدارة الوقت ، ونبدأ بحسن إدارة النوم ، لتهيئة وقت لقراءة القرآن والحفاظ على الأوراد .
3- نريد في قراءة القرآن أن تختار مستوى من هذه المستويات يناسبك للاستمرار عليه من الآن وحتى رمضان القادم .
( الختمة كل أسبوع ) .. أكثر فعل السلف ( قراءة حوالي 5 أجزاء يوميا)
(ختمة كل عشرة أيام ) .. ( قراءة 3 أجزاء)
( ختمة كل أسبوعين ) ... ( قراءة جزئين يوميا )
( ختمة كل شهر ) ...... ( قراءة جزء يوميا )
4- نريد الاهتمام البالغ بالاذكار وجلسة الشروق لدوام جمع القلب والتعود على التبتل .
5- الاهتمام البالغ بأذكار النوم خاصة أن هذا يساعد على أن يكون ثلث العمر في الطاعة .
6- قراءة سورة تبارك يوميا للأمن من العذاب وفتنة القبر .
7- الصدقة إما يوميا أو شهريا ، والاهتمام بملف الصومال ، والإنفاق الدعوي لاسيما قبل دخول الجامعات التي نريدها أن تكون منارات دعوية خلال العام الدراسي الجديد .
8- الحفاظ على النوافل :
بحد أدنى (12 ركعة راتبة + 2 ضحى + 2 قيام + ركعة وتر ) .
والمستوى الأعلى ( ما سبق ولكن بتعديل 4 ضحى واثنين بعد الظهر + 4 قبل العصر + 11 قيام ليل )
ومن زاد فهنيئا رفقة النبي لكل من حقق ( أعني على نفسك بكثرة السجود )
9- دور دعوي فعال لابد من القيام به ، والمجالات الدعوية كبيرة وكثيرة فاختر الأنسب .
10 - إصلاح منظومة العلاقات الاجتماعية ( بر وصلة رحم وخالق الناس بخلق حسن ) .
ومسك الختام :
في صفة الصفوة أن رجلا تعلق بأستارالكعبة ثم قال : اللهم بك أعوذ ، وبك ألوذ ، اللهم اجعل لي في اللهف إلى جودك والرضا بضمانك مندوحة عن منع الباخلين ، وغنى عما في أيدي المستأثرين .
اللهم فرجك القريب ، ومعروفك القديم ، وعادتك الحسنة
ثم ذهب في الناس فرؤي عشية عرفة وهو يقول : اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي ، فلا تحرمني الأجر على مصيبتي بتركك القبول مني ثم ذهب في الناس يقول : واسوأتاه - والله - منك وإن عفوت .
فاللهم إن لم تقبل رمضان منا وتعبنا ونصبنا فلا تحرمنا الأجر على مصابنا بتركك القبول منا .
اللهم نقر إليك بذنوبنا وبعدم استحقاقنا أن تتفضل علينا بالقبول بعد ما كان منا من تفريط ومعاصي ، ولكن من لنا إن لم تقبلنا .
يا رب اجبر كسرنا الآن وقد تقطعت قلوبنا على فراق رمضان ، ونخاف أن نرد على أعقابنا بعد إذ هديتنا .
يارب ماذا يشفع لنا عندك ونحن بلا زاد وبلا عمل شافع ، ليس لنا إلا جودك ويقيننا أنك الأكرم ، يارب إن أردت بنا فتنة بعد رمضان فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين .
كثرت عهودنا ، وتاهت كثيرا أقدامنا ، وتغيرت قلوبنا ، وتقلبت أحوالنا ، والآن نسألك الرضا والقبول والثبات والاستقامة ، لكن لا لشيء إلا أننا فقراء إلا من حسن الظن بك ، فاعف عنا وتجاوز عن سيئاتنا وارحم ضعفنا ، ووالله نقسم بك أننا يا رب نحبك ، ونرجو رحمتك ، مع شديد الحسرة على ما يكون منا مما لا تحب ولا ترضى ، هذه بضاعتنا ، وهذه أنفسنا ، وهذه عيوبنا ( قد أخرج الله أضغاننا ) وعرفنا مدى ظلمنا لأنفسنا فاقبل ربنا توبتنا .. فأنت يا ربي حبيب قلبي ، ولكني خجلان من ادعائها وعملي لا يدل عليها ، فقد بقي أنك أعلم بها في قلبي من أي احد .
وكتبه
هاني حلمي
2 شوال 1432 هـ