ليتني أسترجع عقارب الزمن علني أستعيد معك كل لحظة حب عشناها..
تمنيت لو أننا لم نحطم كل الأشياء الصغيرة التي أحببناها ونحن نفترق..
تمنيت لو بقي شيء من عطرك.. وشيء من جنونك وبعض الأوراق الصغيرة التي سطرنا فيها ذكرياتنا..
تمنيت
لو أن الزمان عاد بريئاً كما كان.. ولو أن القلوب عادت وديعة كما
كانت.. ولو أن طفلي الصغير نام علي صدري وألقى برأسه علي قلبي وراح في
حلم طويل..
ليتنا نستطيع أن نسترجع زماننا الجميل..
كان من الصعب جدا أن نبقي معا.. وكان الأصعب أن يكون الفراق..
والناس تسأل أحيانا هل الفراق أن يبتعد حبيبان.. وأن ينشطر جسدان.. أن تنطفيء في سواد الليل شمعتان..
وأنا
أقول إن الفراق تجربة من تجارب الموت.. وإذا كان النوم هو الميتة
الصغرى.. فإن الفراق تجربة رحيل أخري.. تخيل نفسك وأنت تودع إنسانا,
أسكنته القلب.. وتركت له كل المشاعر..
تخيل
نفسك وأنت تترك أرضك لهذا المحتل الغاصب يحتلها شبراً شبراً.. إنه معك
في كل شيء.. إذا سافرت ، أو مرضت ، أو فكرت ، أو هاجرت ، أو غفوت..
إنه يتسلل في الدماء دون أن تراه ، ويخفق في الضلوع وأنت لا تسمعه ،
ويشاركك الفكر وأنت لا تعرف.. إنك تراه في نومك وطعامك وحلمك.. وتراه
في وجوه الناس كل ساعة وكل دقيقة.
هل
تخيلت نفسك وأنت تبحث في ملامح الناس في الشوارع عن ملامح رجل أحببته وتري
في كل هذه الوجوه شيئا منه ؟.. هل تصورت نفسك وأنت تري فيلما أو
أغنية.. أو مدينة كاملة وأنت تفتش في كل هذه الأشياء عن رجل سكنك ومازال
يرفض الرحيل ؟..
هل
تخيلت نفسك وأنت في إحدى الحفلات أو اللقاءات وتلال من العطر تحاصرك, ثم
يتوقف بك الزمن والحياة عند نوع من العطر مازلت تشعر به لأنه عاش معك كل
هذا العمر .
هل
تخيلت نفسك وأنت تعيد ترتيب أشيائك الصغيرة ولاحت أمامك سنوات عمر طويل في
صورة رجل لم تستطع أن تلقي ما تبقي منها في زحام النسيان.
هل
يمكن لك أن تتخيل سنوات كاملة وهو يتهاوى أمامك كأنه بناء ضخم عصف به
زلزال, وتحول بين ليلة وضحاها إلي سحابات غبار وأطلال حزينة.
هذا هو الفراق..
ولكم خالص الود